23‏/07‏/2011

الجيش بتاعنا.. المجلس بتاعهم

الكلمات الأربع التي يحملها العنوان شعار رفعه متظاهرو اليوم أمام المجلس العسكري.. فالمجلس ليس هو الجيش، كما أننا لانستطيع اختزال الجيش في المجلس فقط..
خلافنا منذ البداية مع المجلس لا الجيش، وهي مسألة واضحة إلا لمن لايريد، هناك تخوفات منذ البداية من ركون بعض أعضاء المجلس إلى أفكار وقناعات النظام القديم، ربما يكون الأمر اختيارا منهم أو من بعضهم أو لايكون، كما قد يكون مجرد تعود، عمر كامل عاشه بفكر وأسلوب معين، ومن الصعب أو من  المستحيل تغييره بين ليلة وضحاها، حتى وإن استمرت الليلة شهورا بأكملها.
كان خوف البداية شبحيا ضعيفا لايكاد يبين، ثقة في "رموز" الجيش أعضاء المجلس، وفي أسوأ الأحوال كان خجل اللحظة/ الأزمة هو مايمنع طرح الفكرة/ الخوف، والأزمة كانت تصهر الجميع، أو هكذا ظننا، أو كان أملنا.
حتى الآن لانتهم المجلس إلا بحسن الظن فيما كان يستوجب التوجس وسوء الظن، وبعض الظن إثم، وأحيانا يكون من حسن الفطن، لكن مشكلة المجلس هي عدم استيعاب ماقيل له مباشرة، مما أثار ريبة الجماهير في مواقفه وجعلهم ينفضون من حوله. والمشكلة الأخطر هي أسلوب تعامله مع مسيرة اليوم، واعتماد نفس أسلوب النظام السابق و"فلوله".
تُرى كيف نبرر مشاركة البلطجية في محاولة فض المسيرة، من هو الذي يعمل على إحداث الوقيعة بين الجيش والشعب، بالقطع ليس الشعب، لأن الجيش هو الأمل الوحيد والملاذ الأخير له في ظلام السراديب التي نفاجأ بفتحها كل يوم، وياما في الجراب ياحاوي.. ويبقى في النهاية "الجيش بتاعنا.. المجلس بتاعهم".

22‏/07‏/2011

عينك حمرا ياغولة


يبدو أنّ.. أنّ إيه.. أنّ المجلس.. مجلس إيه.. بتاع الحسبة.. حسبة.. حسبة برما.. ماله برما.. ناوي عليها.. على إيه.. على خرابها.
نعم.. فالمجلس العسكري لايستمع لما نقول، أو أنه لايعير مايقال أدنى اهتمام.. الملايين قالوا أن إجراء الانتخابات أولا تفكير خاطئ يجانبه الصواب.. الوحيدون الجاهزون للقفز على أي مقاعد هم الإسلاميون بكافة طوائفهم واتجاهاتهم وولاءاتهم، ومعهم جماعة الفلول.. كلهم مبرمجون ومتنفذون، ولديهم خبرات طويلة في التنظيم وخوض الانتخابات، مقابل أحزاب جديدة لم يعرفها الناس، ولم يعرف أعضاؤها بعضهم، وأحزاب لم تستطع التقدم للجنة الأحزاب لتكون أحزابا رسمية، بسبب بعض العراقيل في الإجراءات.
الدورة القادمة لمجلس الشعب ستقوم بدور تاريخي، إذ ستجيز الدستور الجديد للبلاد، فإذا كان اتجاه واحد هو المسيطر على المجلس، سيفرض أفكاره وتوجهاته وطموحاته على الدستور، وربما تتحول مصر إلى دولة دينية بفعل هذا الدستور..
مايحدث الآن، يكشف يوما بعد يوم عن أهداف الإسلاميين.. في البداية لم يشاركوا في الأيام الأولى للثورة، وحين تبينت جدية الموضوع، نزلوا سريعا للميدان مدعين أنهم كانوا من أوائل المشاركين في الثورة.. الآن يلملمون أنفسهم ويعدون حملاتهم استعدادا للانتخابات المنتظرة، وسائلهم نفعية بحتة، لايستطيع الآخرون مجاراتهم فيها، لأسباب بسيطة أولها قلة الأموال، وهي العنصر الأكثر حسما ، لتغوص سكين الإسلاميين في زبدة المجتمع الفقير وتحصد أصواته حصدا.
الإسلاميون الآن يعدون لجمعة "نُصرة الشريعة".. إنهم ينفذون خطة من عدة مراحل.. بهدف الوصول للسلطة.. بدأوأ بالتدليس على شباب الثورة، أعلنوا أنهم لن يرشحوا رئيسا منهم في الانتخابات الرئاسية القادمة، لأنهم يعرفون قلق الشارع منهم، رغم يقينهم ويقين رجل الشارع أنهم سيحصدون نسبة كبرى من الانتخابات التشريعية، لكن الناخب من الصعب اختياره شخصية مؤدلجة دينيا لرئاسة مصر.
رفضنا للإسلاميين في قيادة الدولة، ليس رفضا للإسلام السياسي، لكنه رفض تحول مصر لتكون دولة دينية، فيما نراها دولة مدنية بالضرورة، لانريد الحاكمية الإسلامية، نريد دولة تبحث عن مستقبلها بقوانين العلم، مستفيدة من خبرات عشرات الأمم في النهوض والتقدم.. بدل التحدث باسم الله، فنارتنا في ذلك قول الرسول "ص": أنتم أعلم بشئون دنياكم.
هي دنيانا إذن، فلنحياها كما تعلمنا من الرسول، الذي هو رسولنا جميعا، وليس رسول فئة دون أخرى، وليت المجلس العسكري يتفهم ذلك الآن، الآن وليس غدا.

اختطاف امرأة رائعة اسمها الثورة


السطور نور.. لانستطيع أن نحرم أنفسنا منه، لذلك نستضيف النور الكامن في السطور التالية التي كتبها الشاعر الكبير "حسن توفيق"، قبل أن نستأذنه، عذرنا حاجتنا الدائمة لـ "قبس" من نور سطوره.
---
                                                                   
حسن توفيق


أن تهتز الأرض تحت أقدام الطغاة لكي تخلخل أو تزلزل عروشهم التي نخرها السوس، هذا أمر حتمي ومؤكد، أثبته التاريخ على امتداد عصوره، ويؤكده الواقع الذي نحياه في حاضرنا وستشهد عليه الأجيال الآتية في المستقبل. ولكن أن تهتز الأرض تحت أقدام شعوب بأكملها، بصورة مخيفة تجعل المقهورين يترحمون على ما مضى من طغيان، متناسين ما قاسوا خلال ذلك الطغيان من قهر وظلم وإهانة، قتلك هي الكارثة التي لابد من استئصالها بكل الوسائل، أن يظهر – وسط طوفان الثورات - بلطجية أو بلاطجة أو شبيحة، لكي يقوموا بالترويع والسرقة بالإكراه والقتل والاغتصاب، فهذا كله ليس بالعجيب ولا الغريب، لكن ما يدعو للعجب بل للقرف إلى حد الغثيان، فهو أن يتحول الثوار إلى بلطجية أو بلاطجة أو شبيحة، أو أن يتحولوا من نماذج بشرية مشرفة إلى مسوخ مشوهة ومجوفة، أو أن ينقلبوا من الإيمان بتنوع الآراء واحترام وجهات النظر
المختلفة إلى خلق ديكتاتوريات جديدة مصغرة، تنهج نفس المنهج الذي ثاروا عليه ووقفوا ضده، فهذه كلها – كما قلت وكما أكرر – أمور لا تدعو
للعجب بل للقرف إلى حد الغثيان. السياحة في مصر الآن مضروبة وفقا للمصطلح الشعبي.
الفنادق التي كانت تكتظ عن آخرها بحشود السياح الأجانب ومعهم الأشقاء من السياح العرب أصبحت خاوية. المعالم الأثرية لا تجد من يزورها. أما ما يدل على غياب الوعي أو على غيبوبة العقول، فهو ما عرفته من أن العاملين في قطاع الآثار قرروا القيام بمظاهرة كبيرة في إحدى مدن
صعيد مصر للمطالبة بعودة السياح الأجانب، وكان يمكن لتلك المظاهرة أن تقوم وأن ترتفع فيها أصوات المحتشدين لولا تدخل العقلاء الذين بينوا
لمن كانوا ينوون التظاهر أن السياح يهربون من أي بلد لا يتحقق فيه الاستقرار المقترن بالأمن وبالأمان.
إذا كانت السياحة مضروبة لأن السياح الأجانب لا ينطلقون إلا إلى البلاد التي يتحقق فيها الأمن والاستقرار، فما الذي يمكن أن نقوله عن شبان
مصريين يهددون بإغلاق قناة السويس، لكي يتسنى لهم أن يضغطوا على
السلطة المؤقتة في مصر حتى تستجيب لمطالبهم التي يقومون بتغييرها بين يوم وليلة أو بين ساعة وأخرى؟!
الطريق إلى الجحيم مفروش بالنيات الحسنة. هذا قول شائع وقديم، ولكن ما بالنا إذا كان الطريق مفروشا بالنوايا المشبوهة المقصد والتوجه؟ وهل ضحى مئات الشهداء بأرواحهم الغالية، لكي يسقط الحاكم المتبلد الروح، والفاقد لأي طموح باستثناء طموحه لأن يرث ابنه حكم مصر من
بعده، أم لكي يستبدلوا بالظلمة الشائهة السوداء ظلمات أشد وطأة وقسوة؟
ليلة واحدة للبهجة. ليلة واحدة لا أكثر، تلك الليلة الواحدة كانت ليلة الإعلان عن تنحي أو تخلي الرجل المتبلد الروح عن حكم مصر. كنت واحدا من أبناء مصر المبتهجين بذلك التنحي أو التخلي، وظللت
أرفع علم بلادي وقلبي يهتز فرحا مع رفرفة هذا العلم. كانت وجوه أبناء مصر منورة في الليل، لدرجة أني تصورت أني أحلم حلما لذيذا أو أنني
أتجول في شوارع إحدى المدن المتقدمة – لا بزخارف القول وإنما بروعة الفعل - حيث يبدو الناس فرحين بالحياة ومبتهجين بالسكينة والأمان.
في إحدى قصائده الرقيقة، يقول الشاعر الذي أحبه، الدكتور إبراهيم ناجي:
                       إن يكن حلما تولى مسرعا
                       أجمل الأحلام ما ولى سريعا
لكن المصيبة التي عانيت وما زلت أعاني منها أن الحلم لم يبق منه أثر، وكأن الوجوه المبتهجة التي نورت ظلمات ليلة التنحي أو التخلي قد اختفت تماما، لتحل مكانها وجوه شاحبة مكتئبة، يتحرك أصحابها بتوتر عصبي، حين يمشي كل منهم لأداء عمله اليومي، هذا إذا كان لديه عمل حقا!
الآن أسألكم أو أسأل نفسي على الأقل: هل قام الخاطفون باختطاف امرأة رائعة الجمال، اسمها ثورة، ومن هؤلاء الخاطفون ولماذا اختطفوها قبل أن نبتهج حقا بجمالها، كما يبتهج العشاق في العالم المتفتح للحياة بلقيا حبيباتهم؟!