23‏/04‏/2011

جهل الدولة والقنبلة "القناوية"



عبدالرحيم كمال

اعتراض"القناوية" على تعيين المحافظ كان القنبلة الموقوتة التي انفجرت في وجوهنا جميعا، والسبب ليس جهلنا بوجودها، ولكن تجاهلنا لها والاكتفاء بمعالجتها عبر مجموعة احتفاليات ينتهي أثرها بانتهائها، الوضع الذي جسده الفنان السوري "دريد لحام" في فيلمه "التقرير" عن مهرجان الحنفية التي جف ماؤها بمجرد انصراف المدعوين.
قد تكون هناك أطراف خارجية أو داخلية استغلت الحدث، لكن هذا لاينفي تجذر الأزمة، ولاينفي أن هناك مشكلة طائفية حقيقية قابلة للاشتعال في أي وقت وحيثما تسمح الظروف، هناك الآن إحساس متجسد بالآخر الديني، والتلاحم الكامل بين طرفي الأمة ليس صحيحا، انما هو تلاحم منقوص، نحاول إكماله بالترقيع أو تجميله بقطعة ديكور عله يخبئ ماتحته دونما علاج حقيقي للمشكلة، التي بدأت تستفحل خلال العقود الماضية.
في الصعيد يسيطر الشعور بتدليل المسيحيين في الفترة السابقة بسبب ضعف الدولة، مقابل تجاهل كامل لمشاكل المواطنين والإقليم، نسيان الصعيد في خطط التنمية، وعدم الاهتمام بفهم طبيعة أهالي أقاليم مصر بشكل عام، لا الصعيد وحده، وهي من سمات النظام السابق الذي لم يكن على استعداد لفهم شئ عن الشعب، وترسخ مبدأ البعيد عن العين في ذهن أهالي الصعيد.

هناك تساؤل شرعي عن سبب انفجار القنبلة الآن، رغم أن "عماد ميخائيل" ليس أول محافظ مسيحي في قنا، والسابق عليه "مجدي أيوب" مسيحي ولم يخطر على بال أحد الاعتراض عليه بسبب دينه، بل إن الكثيرين لايعرفون حتى الآن إذا ماكان "عادل لبيب" مسلما أم مسيحيا وهو صاحب أعلى شعبية بين أهل قنا بسبب إنجازاته في المحافظة.. بما يعني قطعا إيمان القنائيين بأن الإنسان بعمله لا بدينه.
الاعتراض على تعيين المحافظ الجديد بسبب ديانته يستند إلى محورين، الأول العصبيات القبلية للمحافظة –وبأسها بينها شديد- مما يستدعي محافظا يستند إلى قوة عصبية عرقية، إضافة إلى قوة الدولة، مما أدى إلى ضعف الأداء الذي ميز عهد المحافظ السابق "مجدي أيوب"، وقد جاهر أهالي قنا كثيرا برغبتهم في تغييره بسبب ضعف شخصيته وتراجع مستوى الخدمات بالمحافظة، لكن النظام السابق كان عنيدا ولم يحدث شئ، لتواصل النار اشتعالها تحت الرماد.
المحور الثاني هو الخوف من تحول قنا في ذهن قيادات الدولة إلى كوتة للمحافظين المسيحيين، بما يعني أن كل محافظي قنا في المستقبل سيكونون مسيحيين، وهو ما يستوجب قلق الأهالي المسلمين في غالبيتهم.
الواقع الذي تشير إليه الأحداث الآن هو تمدد المشكلة ليمتد الرفض إلى محافظات أخرى، والحل الذي يجب النظر إليه هو الاتجاه إلى اختيار المحافظين بالترشيح بين أبناء المحافظات المختلفة، وهو طريق لابد من السير فيه من الآن.
شئ آخر ساهم في احتداد الأزمة، فكما كان السبب عدم تفكير القيادة في مناسبة محافظ جديد لمحافظة ما، فقد كانت طرق الحل خاطئة أيضا فقد تم عن طريق شخصيات دينية سلفية –بصرف النظر عن مصطفى بكري- في حين أن أهل الصعيد ليسوا سلفيين وإن كانوا محافظين، وهو مايعني القراءة الخاطئة من قبل الدولة، التي أثبتت مرة أخرى ضعفها في مواجهة الحل، الأمر الذي يغري الطرف الآخر بالاستقواء ضدها.

ليست هناك تعليقات: