01‏/04‏/2011

غباء رئاسي.. جدا


أفصحت الفترة الماضية عن شيء واحد يجمع بين الديكتاتوريين في نسختهم العربية، هو احتكارهم للغباء المطلق واحتكاره، الغباء السياسي والثقافي والاجتماعي والإنساني.. غباء ساهمت الشعوب -للأسف – في صناعته.
خطاب واحد تبنته الديكتاتوريات العربية –مازال منها وماهو في الطريق- ورغم خطأ الحسابات الذي أثبتته النتائج، إلا أن الغباء منع الباقين من فهم المشهد، ولم يتعظوا بالأحداث ونهايات السابقين رغم السرعة الدرامية للنهايات، وظن كل منهم أنه مختلف عن الآخرين, وأن بلده ليس كالبلد الآخر، صور الغباء لكل منهم أن –على راسه ريشة- وأن نهايته ستكون مكللة بالسعادة.
قال كل واحد من –غابري حكام- الأيام السابقة أن المتظاهرين هم –شوية عيال- وأن الأمن مستتب لديه، وحاول كل واحد الالتفاف على شعبه بمجموعة إجراءات لاتسمن ولاتغني عن جوع.. بن على أقال أولا وزير داخليته ولم ينتبه أن الأمر لن ينطلي على الناس، مبارك عين نائبا له للمرة الأولى رغم أن صوت الشعب بح منذ 30 سنة لتعيين نائب، لكنه كان يحاول إقناع الشعب بأن العثور على نائب أمر صعب جدا وليس هناك من يستطيع تولي المسؤولية، فيما أن الحقيقة أن الجهاز الرئاسي كان يتعمد إفراغ مصر من أي شخصية يمكن أن يكون لها كاريزما، أصبح المحيطون والمقربون من الرئيس مجموعة من الشخصيات الشائهة والمسطحة، وتم إبعاد كل من يفهم سواء بالإقصاء أو التغييب والترهيب أو بسياسة الركل إلى أعلى، كما حدث مع "عمرو موسى" الذي اختاروا له منصبا براقا في جامعة –المشاكل- العربية، والهدف إبعاده عن الذهنية المصرية بعد اكتشاف الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها موسى، وكان أظهرها أغنية "شعبان عبدالرحيم" لموسى، ودخل "شعبولا" التاريخ بما حققته الأغنية، ولو بشكل عكسي، والهدف كان واضحا لكل الناس أنه إخلاء الطريق أمام الوريث المنتظر.
الحالتان أصبحتا في ذمة التاريخ، لكن من حولتهم السلطة والفترة الطويلة فيها إلى ديكتاتوريين لم يستطيعوا فهم أنهم مخطئون وأنهم يسيرون على نفس الطريق- طريق النهاية الدامي.. فرأينا "علي صالح" في اليمن، والقذافي في ليبيا يكرران نفس الخطاب والسيناريو بكلمات وطرق مختلفة، على أن الأخيرين اتخذا نهجا آخر وهو التحذير من وقوع حروب أهلية لو تركوا الحكم، وأعادت البحرين التذكير بفزاعة البوابة الشرقية مرة أخرى، وحذر الوريث الليبي "سيف الإسلام" العالم بنفس "البعبع" وهو وقوع ليبيا في أيدي الإسلاميين، وهو نفس التهديد الذي عاش عليه النظام المصري السابق سنوات طويلة، إضافة إلى تهديد "سيف القذافي" العالم بقطع القبائل الليبية للبترول.
المشكلة الآن أن الشعوب العربية التي شبت فيها نار الثورة ليس أمامها سوى بذل المزيد من الدماء لنيل حريتها ليس من حكامها فقط، وإنما ممن يساندهم من القوى القُطرية والعالمية ولأسباب مختلفة.

ليست هناك تعليقات: