18‏/05‏/2012

في انتخابات الرئاسة.. هذا أحبه وهذا أريده



بقدر سخونتها، تحمل الانتخابات الرئاسية في طياتها الكثير من الغموض حول النتائج المتوقعة، وماقد تفاجئنا به مما هو غير متوقع.
الخيارات محسومة لدى عدد كبير من الناخبين حول التيار الذي سيعطون أصواتهم لمرشحيه، بين الإسلاميين والليبراليين والعسكريين، لكن يبقى الرهان الأخير على اسم المرشح الذي سيستقطب أكبر عدد من الأصوات.
بات الكثيرون يرفضون الإسلاميين ويتخوفون من سيطرتهم على مصر، وهي تخوفات أثبتت صحتها الشهور الماضية منذ فوز الإسلاميين بالنسبة الأكبر في مجلسي الشعب والشورى، والأحداث المخجلة التي تابعناها من ممارسات أعضاء البرلمان على وجه الخصوص، وتبين للكثيرين ممن انتخبوا الإسلاميين للشعب والشورى خطأ اختيارهم وحسن ظن لم يصادف أهله.
في ظل توالي الأحداث الكاشفة سريعا عن معادن من وصلوا للمجلسين وهوياتهم الحقيقية، بدأ التوجه نحو الليبراليين، أملا في أن يكونوا طوق النجاة لمصر وخلاصها من مشكلات كثيرة تراكمت وتفاقمت منذ ثورة يناير، وأملها أن نعود للاستقرار سريعا لنبدأ إصلاح ما أفسده المفسدون طوال العقود الثلاثة الماضية ثم أحداث الثورة.
هناك أربعة مرشحين ليبراليين ـ أو محسوبين على الاتجاه الليبرالي- هم د.عبدالنعم أبوالفتوح وهو إسلامي يطل علينا في ثوب ليبرالي، رغم إشارات هامة إلى تمسكه بمرجعيته لجماعة الأخوان المسلمين، ويرجح البعض أن يكون الانفصال المعلن بينهما خطوة تكتيكية، وهو في كل الأحوال يفتخر بنسبته للجماعة.
المرشح الليبرالي الثاني هو أحمد شفيق وهو عسكري يهبط علينا في ثوب مدني، ولايعلن حتى خجله من كونه آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع، بل إنه يدعي أنه كان معارضا لمبارك في عهده.. والمرشحان أستبعدهما من قائمتي، الأول لانتمائه لجماعة دينية، والثاني لعسكريته أولا ثم قدرته على ادعاء ماليس فيه، بالكلام وليس بالأفعال.
يبقى مرشحان هما الأكثر مصداقية، الأول حمدين صباحي وهو مناضل وثوري حقيقي، يتطابق مع شعاره لحملته الانتخابية ليكون "واحد مننا" بشكل حقيقي وفعلي، ولم تثبت التجربة ممارسته الكذب والتدليس على حساب الجماهير.. ثم عمرو موسى، صاحب التجربة العريضة في إدارة الدولة عبر منصبه كوزير للخارجية، وهو المنصب الذي أقاله منه مبارك بطريقة الركل إلى أعلى ليسند له منصب أمين عام جامعة الدول العربية، وهو الوحيد الذي لم يشر إليه أحد من التكسب في عهد مبارك، وبالتالي لا يعد من الفلول.
على المستوى الشخصي، أحب حمدين صباحي لعدة أسباب، فهو يساري ناصري، ثم هو زميل مهنة، ثم صغر سنه عن بقية المرشحين –باستثاء خالد علي- ويقيني من صدق وعوده، لكنني أجد الأفضلية لموسى، الذي لايعيبه سوى تقدمه في العمر، لكن ذلك لاينتقص منه، لأن صحته جيدة جدا بما يسمح له بالعمل الشاق والحركة المتواصلة، والقدرة على التفكير واتخاذ القرارات المناسبة فورا، ثم إن طول العمر يمثل خبرة طويلة في العمل الدبلوماسي، مما يجعل من السهل عليه التواصل مع قادة العالم.
لذلك أرى أن موسى هو الأنسب لقيادة مصر في هذه الفترة الحساسة.. لا نريد رئيسا حديث عهد بإدارة الدولة، بل نريد رئيسا "جاهزا" لانتشال مصر في هذه الفترة الصعبة، ولتكون فترة الرئاسة فرصة لمؤسسة الرئاسة لضم كفاءات في مناصب نواب ومستشارين ووزراء يمكن أن يكون كل منهم رئيسا فيما بعد، بعد أن يكون قد حصل على خبرة عملية كافية في إدارة الدولة وصنع القرار.

ليست هناك تعليقات: