09‏/05‏/2011

من يخون الوطن.. الحاكم أم المحكوم؟


اتسع الخرق على الراقع، ولم تعد سياسة الترقيع حلا لشئ، لكن المبجّلين ممن يحكمون البلد حاليا لايريدون أن يفهوا هذا.. طبعا هم شبوا على أفكار خاطئة ولم يتعودوا أو لم يتعلموا كيفية البحث عن أفكار لحلول جديدة، لم يتعودوا دراسة الحالات المشابهة في دول الدنيا علهم يجدون حلا لأي مشكلة.. لكن متى يعون الدرس والسيف على الرقاب.
قلنا من قبل أن الطائفية مشكلة حقيقية بذورها مغروسة في أرض الثقافة الشعبية للمصريين، وبالتالي فالمشكلات 
الطائفية قنبلة موجودة تنام في حضننا يمكن أن تنفجر في أي لحظة لأي سبب بسيط أو تافه أو هايف، ويمكن لإشاعة عبيطة أن تفجرها.. لأن الأرض مهيأة والنفوس جاهزة.. نبهنا إلى ذلك في مشكلة قنا، حذرنا وحذر آخرون، لكن لاحياة لمن تنادي، ودن من طين وودن من عجين، والبلاوي تترى وتنهمر علينا كالسيول بين يوم وآخر.
السيل الجديد في إمبابة، وسيكون غدا أو بعد غد في مكان آخر لانعرف أين هو ولا يخطر على بال أحد منا اسم هذا المكان الذي قد يكون قصيا نائيا في المكان والأذهان أيضا..
المشكلة ياسادة أن المسؤولين عن مصر الآن يحكمونها من موقع السياسي الهاوي، لاخبرة لديهم لا في السياسة ولا في التعامل مع الجماهير وليست لديهم فكرة عن كيفية قراءة أذهان الناس، يعني ذهن الشعب  بشكل عام، كلهم لديهم النية على العمل والإخلاص، لكن الميدان له متطلبات أخرى والفترة ملغومة شائكة.. حسن النية شئ جميل لكنه غير كاف لإنقاذ بلد يتمزق.. الدولة الآن –حكومة وجيشا- يتعاملون مع القضايا بـ "الطبطبة"، لايريدون أن يظلموا أحدا، في حين أن آلافا من البلطجية والمتآمرين يخرجون على الناس شاهرين أسلحتهم محلية الصنع، ينتهكون أمن الناس وأمن الوطن، والحكومة لاتتعامل إلا بالحسنى، والحاكم الضعيف فتنة، وبطء اتخاذ القرار دعوة مفتوحة ليتطاول من يشاء على الدولة ويمرّغ هيبتها في الوحل.. الدولة التي لاتفهم ولاتريد أن تفهم وليس عندها وقت لأن تفهم.
وكما أن الحكومة تمارس عملها من موقع الهواية، فإن الدور الضعيف والمتخاذل للدولة شجع على ظهور بلطجية هواة، جيل جديد من البلطجية ربما يتحول إلى الاحتراف في المستقبل.. والمنطق أن البلد "سايبة" واللي ميعرفش يسرق حاليا ربما لايستطيع السرقة في المستقبل، هذا إذا كان الله يريد خيرا لنا في المستقبل وتم ضبط الأمور.
الوضع الحالي يجدد الأسئلة عن التراخي المخذل للدولة أمام مايحدث، لماذا تغيب الداخلية حتى الآن، ولماذا تتزايد حساسيتهم ضد الشعب، حتى لو أن معظم الانتقادات مجحفة، فإن تغيب الداخلية في مثل هذه الظروف هو نوع من الخيانة، خيانة الوطن، والطبيعي أن تتعالى على أي انتقادات مهما كانت سيئة، لأن أداء الشرطة لواجبها هو الضمانة الوحيدة لإعادة الثقة بين الشرطة والمواطنين، والوقت لايحتمل الدلع.
سؤال آخر عن "رقة" تعامل الجيش مع الأزمات المتتالية، صحيح أن هذا النوع من المهام لم يتعود الجيش عليها، لكن طالما أنه نزل الميدان وهو يعي خطورة الموقف وطبيعة الأحداث، فالمفروض أن يتعامل بحسم مع مثيري الشغب، وقد سبق أن وجّه المجلس الأعلى للقوات المسلحة تحذيرات متتالية لمثيري الفتن دون جدوى، لأن شيئا لم يحدث على أرض الواقع، ولم يعاقب أي من الجناة بعقوبات يمكنها ردع من يفكر في تكرارها.
ياعالم.. إثارة الفتن خيانة، وإثارة الرعب خيانة، والتسويف في توجيه الخياة.. خيانة.
المطلوب على الأقل محاكمة الجناة وتنفيذ الأحكام في غضون أسبوع على الأكثر من وقوع الجريمة، والعقوبات لابد أن تردع المتلاعبين بأمن الوطن، فلاتقل عن 15 سنة وصولا إلى المؤبد، بل إن بعضا من دماء الجناة أصبح ضروريا للردع، ليتم الحكم بالإعدام على من يستحق منهم، وكثيرون يستحقون الإعدام في الشوارع ليكونوا عبرة لغيرهم من محترفي وهواة وأشبال البلطجة وإثارة الفتن..
                                                                                                                                 عبدالرحيم كمال
raheemkamal@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: